1 - {قُلْ أَعُوذُ}؛ أي: أتحصن وألتجىء، والأمر فيه [1] للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويتناول غيره من أمته؛ لأن أوامر القرآن ونواهيه لا تخص فردًا دون آخر غالبًا.
وقرأ الجمهور [2]: بالهمزة في {أَعُوذُ}، وقرىء بحذفها ونقل حركتها إلى اللام، وعبارة "البيضاوي" هنا: قرأ ورش في السورتين بحذف الهمزة، ونقل حركتها إلى اللام. انتهى.
{بِرَبِّ النَّاسِ}؛ أي: بمالك الناس وخالقهم وموجدهم من العدم، وخصوا [3] بالذكر وإن كان رب جميع المخلوقات تشريفًا من حيث إنه تعالى أخدم لهم ملائكة قدسه، وجعل لهم ما في الأرض جميعًا، وأمدهم بالعقل والعلم، وكلفهم بخدمته، فإن قاموا بتلك الوظيفة كان لهم العز دنيا وأخرى، وإن لم يقوموا بها ردوا لأسفل السافلين، فلم يساووا كلبًا ولا خنزيرًا، وإذا علمت بذلك أنه رب الناس فهو رب غيرهم بالأولى، وقيل: خصوا بالذكر لمناسبته بالاستعاذة؛ لأنه لما أمر بالاستعاذة من شر الوسواس، فكأنه قال: قل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس؛ أي: من شر ما يوسوس في صدورهم بربهم الذي يملك عليهم أمورهم، وهو إلههم وهو معبودهم، فإنه هو الذي يعيذ من شرهم.
والحاصل: أنه أمر رسوله أن يستعيذ بمن يربي الناس بنعمه ويؤدبهم بنقمه، وأصل الناس إما أناس حذفت الهمزة، أو نَوَس مأخوذ من ناس إذا تحرك خُص بالبَشَر, لأنه المتحرك الحركة المتعبد بها الناشئة عن رؤية وتدبر، تحركت الواو [1] الصاوي. [2] الشوكاني. [3] الصاوي.
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين جلد : 32 صفحه : 471